سوات، باكستان (CNN) -- أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف السبت حالة الطوارئ، وفقا لما علمت CNN من مصادر حكومية.
وقبل الإعلان، اجتمع مشرف مع كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين في مقر إقامته براولبندي.
ووفقا للقرار الذي جرت إذاعته على موجات التلفزيون الحكومي، فقد تمّ تعطيل العمل بالدستور وتمّ فرض الحكم العسكري.
وفي إسلام أباد اقتحمت قوات الجيش مقر المحكمة العليا وطوّقت منازل القضاة.
واعتبرت المحكمة قرار إعلان الطوارئ غير قانوني، وفقا لما أبلغ به CNN رئيس القضاة افتخار محمد شودري.
وأضاف أنّه وثمانية زملاء له قرروا اعتبار القرار غير دستوري وأنّ مشرف لا يتمتع بأي سلطات تخوله ذلك.
وإثر ذلك، تمّ طرد القاضي افتخار من منصبه وتمّ استبداله بعبد الحميد دوغار، وفقا لما أعلنه التلفزيون الحكومي.
وهي المرة الثانية التي يتمّ فيها عزل افتخار شودري بعد إقالته في مايو/أيار من قبل الرئيس مشرف وهو ما خلّف موجة غضب شعبية عارمة أدّت إلى إعادته إلى منصبه.
وقبل ذلك، قالت وسائل إعلام خاصة السبت إنّ مشرّف سيعلن السبت حالة الطوارئ، بسبب تزايد أعمال العنف.
ومباشرة بعد إذاعة التقرير الذي تناول هذه الأنباء، قطعت قنوات التلفزيون الخاصة إرسالها بسبب ما يعتقد أنّه قرار بحظر على الإعلام.
كما أفاد شهود عيان بأنّه تمّ قطع شبكة الاتصالات الأرضية والمتحركة.
ويمكن للقرار أن يرجئ الانتخابات البرلمانية المقررة في غضون الأشهر القريبة المقبلة.
كما يمكن للقرار أن يوفّر لمشرّف حجّة للاستمرار في منصبه كقائد أعلى للقوات المسلحة رغم أنّه وعد بالتخلي عنه في حال انتخابه مجددا رئيسا للبلاد.
وفي أعقاب إعلان القرار، نزل بضع مئات من الأشخاص إلى الشوارع غير أنّ قوات الشرطة والقوات شبه العسكرية فرضت أغلقت الشوارع الرئيسية وفرّقت المتظاهرين.
مشرّف: لم يكن هناك بدّ من هذا القرار
وفي خطاب متلفز وجهه إلى الشعب، قال مشرف إنّ باكستان شهدت في الآونة الأخيرة أحداثا متسارعة تدفعه إلى "اتخاذ إجراء لمنع انزلاق الأوضاع نحو الهاوية."
وبرّر مشرف أمره بإعلان الطوارئ بأنّ "النظام الحكومي أصيب بالشلل بسبب موجة التطرف والإرهاب."
ونحا الرئيس الباكستاني باللائمة على النظام القضائي "الذي عطّل نحو 100 قضية رفعتها الحكومة."
وقال إنّ المحكمة العليا تعطّل قراراته، حيث أنّ أحد القضاة تعذّر بأسباب شخصية "واهية" من أجل عدم حسم نتيجة الانتخابات التي "فزت بها."
كما انتقد أداء "بعض وسائل الإعلام التي لعبت دورا سلبيا ساهم في تدهور أوضاع البلاد."
كما تعرّض إلى ما شهدته البلاد في الشهور الأخيرة من أحداث "عنف خطيرة مثل تلك التي حدثت في المسجد الأحمر وكذلك اختطاف صينيين من قبل منظمات متطرفة مما سبّب لنا إحراجا مع الصينيين."
وقال إنّه يريد إنشاء "مدارس دينية تكون خارج سيطرة المتطرفين."
ولم يتعرض مشرف في خطابه إلى الانتخابات التشريعية المقبلة التي من المفترض أن تجرى في بداية العام المقبل، غير أنّه أشار إلى أنّ الحكومة لن تشهد أي تغيير.
وحرص مشرف الذي ألقى خطابه بالأوردية، على مخاطبة الغرب "ولاسيما الأصدقاء في الولايات المتحدة وأوروبا" بالإنجليزية داعيا إياهم إلى "تفهّم الوضع" في بلاده.
وقال إنّ ما قام به طيلة سبع سنوات بدأ ينهار حيث أنّ البلاد تسير نحو الهاوية "ولا مفرّ من اتخاذ هذا القرار."
بوتو تعود إلى كراتشي
وعلى صعيد متصل، أعلنت مصادر في حزب الشعب الباكستاني أنّ زعيمته رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو عادت إلى باكستان فور الإعلان عن حالة الطوارئ.
والخميس، أكدت مصادر أنّ بنظير بوتو، أن الأخيرة توجّهت إلى إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الخميس، لزيارة أسرتها، التي لم ترها منذ الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، تاريخ عودتها إلى باكستان بعد نفي قسري استمر ثماني سنوات أمضتها بين بريطانيا ودولة الإمارات.
وكان من المفترض أن تغادر بوتو إلى دبي الأربعاء، إلا أنها أرجأت الرحلة بشكل فجائي بعد أن نصحها أحد مسؤولي الحزب الرفيعين بعدم القيام بذلك، لافتا إلى مخاوف سياسية.
وكانت بوتو قد أعربت خلال مؤتمر صحفي عقدته على عجل في مقر إقامتها في كراتشي الأربعاء، إنها سمعت شائعات مفادها أن الحكومة الباكستانية قد تفرض حالة الطوارئ في باكستان.
والسبت، قال المتحدث باسم بوتو، فرحة الله بابار إنّ الشعب الباكستاني "لن يقبل بهذا. ونحن ندين هذه العملية."
وأوضحت أن مساعديها أبلغوها أن الرئيس برويز مشرف قد يفرض حالة الطوارئ إذا قررت المحكمة العليا نهاية هذا الأسبوع إلغاء فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقالت زعيمة "حزب الشعب": "أردت الذهاب لدبي، إلا أنه عندما سرت هذه الشائعات قررت تغيير برنامجي."
وقالت نيابة عن حزبها "إذا فرضت حالة الطوارئ، سنعارض ذلك، إذا تم تعليق العمل بحقوق الإنسان الأساسية، لن نوافق على ذلك، الأمة لن توافق على ذلك، وأعرف أحزاباً سياسية أخرى لن توافق على ذلك."
وينظر المراقبون للقرار المزمع إصداره في وقت لاحق من هذا الأسبوع بأنه قد يغير مجرى الأحداث في البلاد.
كما أن إعلان حالة الطوارئ قد يرجئ خطط نقل الحكم العسكري الحالي إلى حكم مدني وحظوظ بوتو ومشرف في تشكيل ائتلاف ضد القوى السياسية المتشددة.
يُِشار إلى أن زعيمة المعارضة الباكستانية كانت قد حذرت، إثر محاولة اغتيالها في منتصف الشهر الماضي من أن المليشيات المتشددة عززت وجودها داخل باكستان.
واشنطن تعبر عن خيبة أملها ولندن عن قلقها
وأصدر البيت الأبيض بيانا السبت اعتبر فيه قرار مشرف "مخيبا جدا للآمال."
وأضاف أنّه يتعين على مشرف أن يفي بوعوده بانتخابات حرة ونزيهة في يناير/كانون الثاني والتنحي عن منصبه العسكري قبل أن يؤدي اليمين الدستورية، وفقا للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي غوردون جوندرو.
وكانت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قد عبّرت لـCNN من أسطنبول عن "أسفها العميق" لقرار مشرف.
وفي بريطانيا، قال وزير الخارجية ديفيد ميليباند في بيان "إننا نعترف بأنّ هناك تهديدا للسلم والأمن في البلاد(باكستان) ولكن ينبغي تعزيز السبل الديمقراطية لتحقيق الأهداف."
وعبّر عن "قلقه العميق" إزاء الإجراءات التي تمّ اتخاذها السبت من قبل مشرف والتي "من شأنها الابتعاد بباكستان عن تحقيق هذه الأهداف."
متشددون يسيطرون على نقطتين أمنيتين
تأتي هذه الأنباء فيما أعلنت المليشيات المتشددة في باكستان السبت السيطرة على المزيد من المراكز الأمنية بالإستيلاء على نقطتين تابعتين للشرطة في شمال غربي باكستان، في تطور قد يزيد من حرج حكومة الرئيس برويز مشرف.
ونقلت الأسوشيتد برس عن ناطق باسم العناصر المتشددة يُدعى سراج الدين، إن المليشيات المهاجمة رفعت رايتها في المبنى الأمني عقب فرار القوات الأمنية في وادي سوات.
ومن جانبه زعم قيادي من حركة طالبان، ميان راسوي شاه، أن المليشيات بسطت سيطرتها على مركز أمني آخر، في الشمال، عقب إقناع 60 جندياً بالمغادرة.
ولم يتسن الحصول على تعقيب أو تأكيد رسمي من الحكومة الباكستانية بشأن المزاعم، التي جاءت بعد يوم من استعراض المسلحين لـ48 جندياً قالت إنهم استسلموا للجماعة.
وأطلقت طالبان سراح الجنود، عقب تصريحهم لحشد من الصحفيين أنهم يرفضون مقاتلة "أشقائهم في الدين."
مسؤول عسكري أمريكي يلتقي مشرف
وعلى صعيد متصل، التقى قائد القيادة الوسطى الأمريكية، الجنرال ويليام فالون، بالرئيس الباكستاني الجمعة لمناقشة الأوضاع المتوترة في شمال غربي باكستان، حيث وسعت القبائل من مناطق نفوذها التقليدية.
ونفى ناطقاً باسم الجيش الباكستاني بحدة التقارير التي أشارت إلى عرض فالون على حكومة إسلام أباد تقديم قوات أمريكية لمواجهة الأوضاع في سوات، حيث تحاول المليشيات المتشددة إقامة نظام ديني متشدد على غرار طالبان.
ويشار أن مواجهات مسلحة بدأت قبل أكثر من أسبوع بين المليشيات المتشددة والقوات الباكستانية إثر حملة عسكرية شنها الجيش ضد رجل الدين الموالي لطالبان، مولانا فضل الله.
وجاءت المواجهات بعد أن زجت الحكومة الباكستانية بـ2500 جندي إضافي في مقاطعة "سوات" للتصدي لأنصار فضل الله، الذي بدأ حملة للدعوة لنظام متشدد على غرار حركة طالبان في أفغانستان، كما دعا إلى "الجهاد" ضد حكومة إسلام أباد.
وعقب يومين من نشر التعزيزات العسكرية الإضافية، أودى انفجار انتحاري بحياة 19 جندياً بجانب آخر مدني، إلا أن مليشيات فضل الله نفت تورطها في الهجوم.
__________________