د.عزت الطويل
أستاذ علم النفس بآداب بنها – جامعة الزقازيق
تقوم العلوم البيولوجية على مجموعة مسلمات علمية وبعض " التعميمات" التي تشكل الأساس المنهجي والفكري لمعرفة الانسان كوحدة بيولوجية حية ونوجز بعض هذه التعميمات في النقاط الآتية:
أولا: تخضع الكائنات الحية لقانون الفيزياء والكيمياء حيث يمكننا تفسير الكثير من سلوكيات المادة الحية فضلا عن تطبيق القوانين الطبيعية والكيميائية على النظم البيولوجية مما أدى بنا الى الوصول الى "علم الضبط الذاتي" ونعني به في "علم النفس" أثر الآلات والمعدات الميكانيكية على حياة الانسان والكائنات الاخرى.
ثانيا: نظرية الخلية الحية وينادي هذا التعميم بأن كل الكائنات الحية تتكون من الخلايا ومنتجاتها من خلال النشاط الحيوي التي تمارسه، كما أن الخلايا الجديدة تتكون بطريق الانقسام الذي يحدث للخلايا الموجودة من قبل وهكذا .
ثالثا: كل ما هو حي يأتي ويبزغ عن الطبيعة " الحية " وفي هذا يقول " رودف فيركوف" ان جميع الكائنات الحية تظهر وتبزغ من الخلايا الحية السابقة على ظهورها بمعنى أن التكوين الذاتي للخلايا من مادة غير حية هو ضرب من المستحيل .
رابعا: جميع الخلايا الحية أصلها وأساسها محولات للطاقة بمعنى أنها تعمل على تحويل الطاقة الكيميائية الناتجة عن التمثيل الغذائي الى طاقة كهربائية يمكن استغلالها وبالتالي فان النشاط النفسي ما هو الا صورة من صور الطاقة حيث ان ما نتناوله من غذاء وما نقوم به من مجهود عضلي أو ذهني هو برهان ساطع على تحويل الغذاء الى طاقة فكرية.
خامسا: التوازن الوراثي والنظرية الوراثية ن ونقصد بهذا التعميم ان كل كائن حي جديد يأتي الى الوجود نتيجة اتحاد بويضة أنثوية مخصبة مع حيوان منوي لتكوين خلية زيجوتية تؤدي الى وجود جنين ثم كائن حي كامل بعد ذلك ليرث صفات الوالدين بالوراثة ، وقد تكون الصفات " سائدة" أو "متنحية" طبقا لقوانين الوراثة التي اكتشفها العالم المعروف"جريجور" مندل عام 1865.
سادسا: الحامض الأميني "دايوكس نيو كليك آسيد " هو الحامل الرئيسي للمعلومات الوراثية ونقصد بهذا التعميم أن هذه الأحماض الأمنية تلعب دورا أساسيا في نقل المعلومات الوراثية حيث يظهر كل شيء وكل صفة لدى الكائن الحي قبل الميلاد الى أن يصبح هذا الكائن شيئا مذكورا وأنسانا كبيرا يتسم بالحركة والنشاط والتفكير والاتزان الانفعالي.
سابعا: تحدث التفاعلات البيوكيميائية للكائن الحي طبقا لتعليمات الجينات المتحكمة فيها ونتيجة لذلك فان أي تفاعل حيوي كيميائي يكون محكوما بنشاط خميرة خاصة يحكم نشاطها "جين" معين
ثامنا: أولوية الفيتامينات وأسبقيتها لنشاط الأنزيمات ، أي أن العمليات الحيوية الهامة المرتبطة بالتغذية لا يمكن أن تتم بمعزل عن الفيتامينات ، ومن ثم فان أحد التعميمات المتمثل في الفيتامينات يعتبر بمثابة الأساس البيولوجي للسلوك لأنه يدعم نشاط هذه الفيتامينات اللازمة للجسم الكائن الحي ونموه.
وننتقل الآن الى "مكايسترو" الجسم البشري ننتقل الى مخ الانسان لنتعرف على ما يدور فيه وكيف يعمل ؟
المخ البشري عالم عجيب غريب
في الثلاثينات من هذا القرن استطاع جراح المخ والأعصاب الطبيب " بنفيلد" أن يقوم بجراحة في مخ أحد المرضى بالصرع واستخدم لأول مرة في ذلك الوقت تيارا كهربيا بسيطا يمر في المخ بهدف تنشيط بعض المراكز فيه ، وهنا لاحظ ان تنبيه المخ في بعض مناطقه الحية يستثير استجابة في الأعضاء الجسمية المقابلة، كما بدأ يستخدم بعض التنبيهات لمنطقة أخرى من المخ فرأي عجبا .. رأي أن المريض يتذكر أحداثا بعيدة كانت نسيا منسيا وهكذا أمكن للمرضى الذين يعالجون لدى بنفليد " أن يشعروا بوخزالابر هنا وهناك في أجسامهم من اليد اليمنى الى اليد اليسرى ومن إصبع الى إصبع الى طرف.
اللسان حتى أصابع القدمين ، لقد كان المرضى يشعرون بأن أقدامهم ترتفع وكذلك أيديهم وأصابعهم تتحرك حركات انسيابية ن وهنا أمكن للطبيب " بنفيلد" أن يرسم خريطة المخ البشري ، يحدد فيه المراكز العصبية المختلفة والوظائف التي تتولاها من ناحية التوجيه الحركي والحسي والانفعالي لمختلف أعضاء الجسم وأعصابه. هذه الأمثلة تكشف لنا بوضوح الآثار القوية للمخ البشري على السلوك الانساني من ناحية مجال البحث الطبي والتحكم العلمي للمشكلات السلوكية في عالم البشر وسبحان الله الخلاق العظيم وهو بكل شيئ عليم.